responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 242
فَإِنَّ جُمْلَةَ تَلْقَنِي الثَّانِيَةَ هِيَ بِمَنْزِلَةِ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ مِنْ لَا تَلْقَنِي فِي النِّعَمِ الْعَازِبِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا تَلْقَنِي رَاعِيَ إِبِلٍ وَذَلِكَ النَّفْيُ يَقْتَضِي كَوْنَهُ فَارِسًا إِذْ لَا يَخْلُو الرَّجُلُ عَنْ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ فَكَانَ الظَّاهِرُ فَصْلَ جملَة تلقني تشتد بِي أَجْرَدُ لَكِنَّهُ وَصَلَهَا لِمُغَايِرَةٍ مَا.
وَقَوْلُهُ: كَما هَداكُمْ تَشْبِيهٌ لِلذِّكْرِ بِالْهُدَى وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ. وَمَعْنَى التَّشْبِيهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمُشَابِهَةُ فِي التَّسَاوِي أَيِ اذْكُرُوهُ ذِكْرًا مُسَاوِيًا لِهِدَايَتِهِ إِيَّاكُمْ فَيُفِيدُ مَعْنَى الْمُجَازَاةِ وَالْمُكَافَأَةِ فَلِذَلِكَ يَقُولُونَ إِنَّ الْكَافَ فِي مِثْلِهِ لِلتَّعْلِيلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَافِ الْمُجَازَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا [الْبَقَرَة: 167] وَكَثُرَ ذَلِكَ فِي الْكَافِ الَّتِي اقْتَرَنَتْ بِهَا (مَا) كَيْفَ كَانَتْ، وَقِيلَ ذَلِك خَاص بِمَا الْكَافَّةِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ وَارِدٌ فِي الْكَاف المقترنة بِمَا وَفِي غَيْرِهَا.
وَضَمِيرُ مِنْ قَبْلِهِ يَرْجِعُ إِلَى الْهُدَى الْمَأْخُوذِ مِنْ مَا الْمَصْدَرِيَّةِ وَ «إِنْ» مُخَفَّفَةٌ. مِنْ إِنَّ
الثَّقِيلَةِ. وَالْمُرَادُ ضَلَالُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَتَغْيِيرِ الْمَنَاسِكِ وَغير ذَلِك.
[199]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 199]
ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)
الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي الْإِخْبَارِيِّ لِلتَّرَقِّي فِي الْخَبَرِ وَأَنَّ الْإِفَاضَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا هُنَا هِيَ عين الْإِفَاضَة الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ [الْبَقَرَة: 198] وَأَن الْعَطف بثم لِلْعَوْدَةِ إِلَى الْكَلَامِ عَلَى تِلْكَ الْإِفَاضَةِ.
فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْأَمْرِ هُوَ مُتَعَلِّقُ أَفِيضُوا أَيْ قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ إِشَارَةً إِلَى عَرَفَاتٍ فَيَكُونُ مُتَضَمِّنًا الْأَمْرَ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَا بِغَيْرِهَا إِبْطَالًا لِعَمَلِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ كَانُوا يَقِفُونَ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ عَلَى (قُزَحَ) الْمُسَمَّى بِجَمْعٍ وَبِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَهُوَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ وَغَيْرُهُمْ يَقِفُ بِعَرَفَاتٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالنَّاسِ فِي جُمْهُورِهِمْ مَنْ عَدَا قُرَيْشًا.
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِيَوْمِ عَرَفَةَ فِي الْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْحُمْسَ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ اهـ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست